اتلفتنا ورانا على الصوت اللي كان بيقول:
-الاوامر اللي بتتكلم بيها يا مهران بيه، دي تقولها بره نطاق شغلنا.. في شركتك مثلا، أو مع موظفينك.. لكن انت هنا مالكش اي صلاحيات لا بأمر ولا حتى برأي، وأما بخصوص الصحافة.. ده شغلهم، والأخبار اللي زي دي بتخرج من الشقوق، وبيشموا ريحتها لو بينها وبينهم الف ميل، وللأسف صعب تحجم اي قلم، حتى لو كان خايب زي ما بتقول.
بص الظابط لدكتور التشريح وكمل كلامه:
-اتفضل شوف شغلك يا دكتور، وعاوز تقرير مفصل بعد تشريح الجثة، وبسرعة من فضلك.
مشي الظابط والدكتور كل واحد منهم في اتجاه، وساد في المكان حالة صمت قاتل، مصحوب بصوت أنفاس غيظ وضيق، مع نظرات غضب متبادلة بين مهران وأخوه.. اتكلمت معاهم بإن وقفتهم مالهاش فايدة، ومن الأفضل يروحوا لحد ما تظهر نتيجة التشريح.. هز حمايا راسه بالموافقة وخرجوا بره المستشفى، في الوقت ده حاولت بصفتي كدكتور اني احضر التشريح، بس كان الرد غير مسموح، وده بسبب صلة القرابة بيني وبين شاهر.. وانتهى اليوم الصعب بالحزن على عريس بيت مهران، فعلا دوام الحال من المحال، واوقات القدر بيكون مخبي جواه حاجات لا يمكن تخطر في خيالنا، بين يوم وليلة.. اتقلب البيت من حالة فرح وحياة جديدة، لحالة كآبة وفراق.. عدا يومين والبيت على حاله، والحزن عشش في أركانه، لحد ما قطع الصمت الموجود رنة تليفون حمايا، بعد دقيقة من رده قال:
-في خلال وقت بسيط هكون عند حضرتك.
سكت شوية وكمل كلامه:
-مش فاهم، سيادتك محتاج جيهان في ايه؟.. من وقت وفاة ابنها وهي في حالة ما تسمحش بالكلام.
رد عليه اللي كان بيكلمه، ثواني واتكلم مهران:
-هحاول، هشوف حالتها تسمح او لا.
وانتهت المكالمة بجملة مهران، وبعدها لف وشه ناحيتنا، عرفنا إن المكالمة كانت من قسم الشرطة، وبالتحديد من الظابط “عادل رميح”.. وبدون ما يشرح تفاصيل مكالمته، قاطعته في الكلام ام أرمين، اتكلمت بصوت مجهد;
-هروح معاك القسم، لازم افهم ايه اللي جرا لأبني.
وفعلا.. ركبوا العربية وراحوا القسم، وروحت معاهم بعربيتي.. وصلنا القسم ودخلنا بمعاناة، وده بسبب حصار مصورين الصحافة، واللي عاوزين يعرفوا أسباب موت ابن راجل الأعمال، أسباب احنا اصلا لسه لا عارفينها ولا فاهمينها.. حاولنا نتجنب كل المضايقات، لحد ما دخلنا مكتب الظابط، واضح إنه كان سايب خبر للعسكري يدخلنا بمجرد ما نوصل، شاورلنا الظابط اننا نقعد، بعد لحظات.. الظابط مد ايده على مكتبه وخد من عليه فايل، فتح الملف وبدأ يقلب في أوراقه.. لحظات من الهدوء المشحون بتوتر، الظابط كان مركز في الفايل، لدرجة حسيت إنه انفصل عن العالم اللي احنا فيه، لحد ما خرج منه تنهيدة عميقة، نفس كان مكتوم من شدة التركيز وخرجه استعداد للكلام، بص لمهران وسأله:
-حضرتك تعرف كل حاجة عن حياة ابنك؟
رد عليه وهو بيهز راسه، بثقة كاملة في أجابته:
-اكيد طبعا اعرف كل حاجة عنه.
اتعدل الظابط في قعدته، رفع حواجبه وهو بيضرب ثقة مهران في مقتل:
-لا مش أكيد، والدليل في ايدي.. بس الاول هسأل جيهان هانم بصفتها الام وكاتمة اسرار ابنها.
لف وشه ناحية جيهان وسألها:
-عاوز إجابة لنفس السؤال اللي سألته لمهران بيه ياهانم، وهضيف أضافة خاصة بيكي بصفتك أم المتوفي، شاهر كان له أصحاب مش تمام.
-مش فاهمة تقصد ايه بسؤالك.
رد الظابط بكل ثقة:
-سؤالي واضح يا فندم، أصدقاء ليهم في سكة الممنوعات والجو ده يعني.
عقدت جيهان حواجبها بأستغراب، مع لمحة ضيق واعتراض ظهروا على وشها، ردت بحدة:
-ممنوعات ايه اللي بتتكلم عنها؟.. ابني وريث عيلة كبيرة اساسها معروف من الجدود.
هزيت راسي وانا بقول لنفسي بتريقة.. “هي العنطزة الفارغة لازم تظهر في اي وقت يا جيهان هانم، حتى في موت ابنك!”.. رد عليها الظابط:
-الممنوعات والمخدرات مالهاش دعوة بابن مين، دي بتبقى مزاج وكيف، ويمكن تلاقي الحاجات دي متوفرة اكتر عند ولاد الناس زي ما بتقولي، اكتر من ولاد الطبقة البسيطة، بحكم الفلوس اللي بتجري في ايديهم من غير حساب.
برقت حماتي عينها بقوة، لدرجة حسيت إن عيونها جحظت وهتخرج من مكانها، ردت عليه بعصبية أم بدافع فيه عن أمومتها وطريقة تربيتها، أكتر ما بتنفي عن ابنها تهمة باطلة في حقه:
-ماسمحش لحضرتك تقول الكلام ده عن ابني، قولت لك ابني مربياه كويس و احسن شاب في العيلة اخلاق، كل اهتمامه كان لشغله وبس، لكن الكلام الفاضي اللي بتقوله، ماعرفش جبته منين.
رد عليها الظابط بكل أريحيه، وده مالوش الامعنى واحد بس.. إن معاه دليل قاطع بيبطل كل اللي قالته، بيرمي بكلامها في بير مايتسمعش فيه غير صدى صوتها، وفعلا.. بحركة تلقائية رن جرس موجود جنبه، اتفتح باب المكتب ودخل العسكري، بعد ما قدم التحية، قاله الظابط:
-انا طلبت دكتور مراد عدلي، دكتور التشريح.. وصل ولا لسه؟
رد عليه العسكري:
-وصل يا فندم.
-تمام خليه يدخل المكتب حالاً.
خرج العسكري من المكتب، وماعداش دقايق والباب اتفتح ودخل منه دكتور التشريح، شاور له الظابط إنه يتفضل يقعد، بعد ما قعد الدكتور في الكرسي اللي جنب الظابط، اداه الفايل اللي كان على المكتب، وقاله وهو بيوزع نظراته علينا:
-عاوز حضرتك يا دكتور شرح للي مكتوب في الفايل، أكيد حضرتك هتقدر توصل التفاصيل الدقيقة اكتر مني بحكم مهنتك، واللي شوفته وتعرفه.
هز الدكتور راسه بالموافقة، خد الملف من ايد الظابط وفتحه، قلب في أوراقه بتركيز وقال:
-زي ما قولت لحضرتك، بعد تشريح الجثة، لقينا أثار لمخدر قوي في معدة المتوفي، اسمه عقارpcp.. وده مخدر قوي جدا، في بداية تصنيعة كان له استخدامات في مجال الطب، بس بعد فترة لاحظ الدكاترة ليه أثار جانبية خطيرة، زي الهلوسة والهياج والضغط النفسي، ده غير إنه بيفصل اللي بياخده عن الواقع، وده بسبب إنه بيمنع المراكز الحسية عن عملها، مفيش شعور بالألم، العواطف والمشاعر بتختفي، حتى الذاكرة لدرجة ان اللي بياخد من العقار ده، بينسى مين اللي بيكلمه وعقله يتوه عنه، ومافيش أي ادراك او وعي باللي بيعمله.
قطع كلامه الدكتور:
-وممكن العقار ده يؤدي للأنتحار؟
-طبعا سيادتك اي نوع من المخدر، خاصة اللي من أثاره التوهم والهلوسة بتؤدي لأيذاء النفس، أو أيذاء اللي حواليه، وده اللي حصل بالظبط مع شاهر، بعد ما خد جرعات مكثفة في أيام متتالية للعقار ده.. وحابب أضيف لحضرتك معلومة، العقار ده ممنوع نهائيا ومحظور استخدامه، واللي بيقدر يوصله بيكون له علاقات خارجية بره البلد، عشان يقدر يتحصل عليه، ده غير سعره اللي بيوصل لأسعار عالية.. وفيه حاجة كمان يا فندم، رئة المتوفي كان فيها أثار لتعاطي نوع من المخدرات، من خلال التدخين، وحضرتك كُنت قولت لي، إن أقوال مرات شاهر بتثبت صحة التشريح، هي شافته بيدخن وسا بياخد قرص، القرص ده ماكنش للصداع زي ما قال، دي حباية من عقار ال pcp.
بعد ما خلص الدكتور كلامه، ساد حالة من الذهول والارتباك، احساس بعدم التصديق اترسمت على الملامح، الحيرة اللي كانت في العقول، كانت سبب في سؤال جيهان:
-ومين ادا ابني القرف ده، شاهر عمره ما كان ليه في السكة دي، ولا حتى بيدخن.
رد الظابط:
-مشكلتنا دلوقتي مش في مين، أصحاب السوء اللي مفكرين إنهم بيعملوا واجب مع صاحبهم، مفيش اكتر منهم.. حبيت بس أوضح لحضراتكم السبب في موته.. دلوقتي هقفل المحضر على حسب نتيجة تقرير التشريح، تعاطي مخدر اللي كان سبب مباشر في انتحاره، وحضرتك يا مهران بيه، هتتفضل تستلم جثة ابنك من المشرحة للدفن.
قام مهران من على الكرسي، سند مراته اللي ماكنتش الأرض شايلها.. لأول مرة اشوف سور فولاذي يتشرخ ويتهز، جيهان كانت بتحاول تجبر نفسها على حضور كبريائها، لكن كل حاجة ضدها.. الألم والوجع قادرين على دبح التجبر والكبرياء، وبدون رحمة.
خرجنا من القسم بنفس صعوبة دخولنا، بين التساؤلات وفضول الصحفيين اللي مالوش نهاية، فضول لبعض منهم نسج من وحي خياله قصص وحكايات، موت شاهر.. اللي بقي حديث كتير من وسط رجال الأعمال، خاصة إنه كان معدود واحد منهم، مش بس ابن مهران دياب.. والكلام زاد خاصة إنه كان لسه عريس جديد، وايه اللي يستدعي واحد بيبدأ حياته، إنه ينهيها بالموتة البشعة دي، واللي زود التساؤلات واللخبطة، وصول خبر بدخول مراته المستشفى في حالة إعياء شديدة، إنهاك كامل لجسدها ولحالتها النفسية.. بس إذا عُرف السبب بطل العجب، واتفق الكل على التكتم وسرية اللي حصل لشاهر، بس فضل نفس السؤال يتردد في أوض البيت، ومن ضمنهم أوضتي مع مراتي “مين ادا شاهر المخدرات، وليه عمل فيه كده؟”.. بس بالنسبالي سؤال مالوش أهمية، بعد موت شاهر بتقع كل الأسئلة في الارض، وما يفضلش غير كلام بنترحم بيه عليه بعد موته.
بعد ما خلص العزا اللي كان طبعا يناسب عيلة دياب، رجع كل واحد مكانه، وخلال يومين.. كل شئ رجع لقواعدة، الشغل اللي مابيقوفش عشان موت حد، وعصبية جيهان هانم على كل الموجودين، بس واضح إن مركب بيت دياب حصل فيه ثقب، ايه سببه الله اعلم.. السبب صرخات ملت البيت، لما دخلوا مسندين مهران دياب، ولما سألت واحد من اللي كانوا معاه قال:
-البيه تعب فجأة. حاولنا ناخده المستشفى بس رفض، وطلب مننا نجيبه البيت.
سندته مع واحد من اللي كانوا جايين معاه وطلعناه أوضته، بعد ما نيمناه على سريره، خرج الراجل.. لحقته بسرعة وسألته:
-ما تعرفش ايه سبب تعبه المفاجئ؟
اتلفت حواليه ورد عليا بحذر:
-اللي عرفته يا سعادة البيه، إن السبب الإشاعات اللي اتنشرت عن خبر موت شاهر بيه، مواقع كتير بتتكلم، وكل موقع بيحكي حكاية مختلفة عن التانية، واكيد بالباطل والزور.. ما هو اللي يوصل مهران بيه للحالة دي، غير التقطيع في لحم ابنه وهو ميت!
بعد ما خلص كلامه استأذن عشان يمشي، فرجعت لأوضة حمايا.. وكان موجود معاه مراته وبنته، فقست له الضغط اللي كان مرتفع.. وطلبت منهم يخرجوا عشان يسيبوه يرتاح بعد ما ياخد علاجه، وفعلا.. خرجوا بره أوضته وانا كمان دقايق وحصلتهم.
دخلت اوضتي عشان ارتاح شوية، بعد ما غيرت هدومي، قعدت على السرير وركنت راسي لورا وغمضت عيني، أفكار كتيرة وتساؤلات بتهاجمني عن أسباب اللي حصل، بس حسيت بحاجة غريبة.. درجة حرارة الاوضة بتزيد، لسعة سخونة اجبرتني افتح عيني، فعقدت حاجبي بأستغراب.. كل حاجة حواليا بتتغير وبتتبدل، أنا كُنت قاعد على كرسي في بلكونة شقتي القديمة، قصادي شارع مختلف عن اللي كُنت ساكن فيه، كان واسع جدا لدرجة اني ماكنتش جايب اخره، الشمس كانت قريبة وشايف اللهب اللي خارج منها، مش فاهم حاجة من اللي شايفها.. خاصة مع وجود صمت رهيب كأن الناس اختفت من على الأرض، وفعلا لما بصيت في الشارع ماكنش فيه حد، فاضي من الناس.. قطع تركيزي صوت خبط شديد شبه صوت الرعد.. أو زلزال ضرب الأرض بقوة.. وعلى مسافة قريبة مني انشقت الإرض وخرج من بطنها أسياخ حديد، والاسياخ بدأت تتشكل وتتبني، طوب واسمنت بيملوا فراغات الاسياخ، لحد ما اتبنى اول دور، وماوقفش لحد هنا.. اللي حصل في أول دور، اتكرر في الدور اللي بعده واللي بعده، الصورة وضحت بالكامل قصادي، واسياخ الحديد اللي خرجت من الأرض، اتبنت بالكامل في صورة طبق الأصل من قصر مهران دياب، لا.. ده هو نفسه القصر مش صورته، وفي نفس اللحظة.. لهيب الشمس بدأ يقل بالتدريج لحد ما اختفى، اتبلع نورها ونارها ورا سحاب اسود كثيف غطا السما، والظلام حل بالمكان.. بأستثناء ضوء خارج من شبابيك القصر، لونه بنفس لون ضي الشمس الأصفر.. أو الوصف الأقرب للي شايفة، نار خارجة من جواه.. ولزيادة رعب المشهد اللي شايفه، ضرب في السما برق قوي من ورا السحاب، ومن وراه صوت رعد قوي يخلع القلوب من مكانها.. رجلي لفت حوالين بعضها من الخوف، كتمت نفسي لما بدأ المشهد يتكرر، بس المرة دي البرق والرعد اتحدوا، وخرج من وسط السحاب خط عمودي بلون فضي مختلط بالسواد، الخط اتعامد بكل قوته وضرب القصر، صوت انفجار مرعب أقرب لصوت قنابل في ساحة حرب، القصر في لحظة اتزلزل وحيطانه بتقع، بلعته الأرض جواها وكأن ماكنش له وجود، ما تبقاش منه إلا أسياخ الحديد، كأنها شاهد منصوب على قبر.. أو شاهد على ذكرى وجود إمبراطورية مهران دياب اللي اتدفنت تحت الارض، فوقني من ذهولي صوت خربشة جنبي، لفيت وشي ناحية الصوت.. كان فيه حد قاعد ورجله بتكحت في الارض، وشه كان متغطي ومش ظاهرة ملامحه، مديت ايدي ناحيته عشان اعرف مين هو.. وقبل ما اوصله لف وشه ناحيتي وبص لي.. ملامحه باهته بابتسامة خفيفة ومخيفة، ماخدتش لحظات عشان اعرفه، كان خالي صديق.. وقبل ما انطق بكلمة، زقني ووقعني على راسي.. حسيت بالدنيا بدأت تسود والرؤية بتقل، اخر حاجة شوفتها وش خالي وهو بيقرب مني، كانت شفايفه بتتحرك وبيقول كلام مش فاهمه، كل اللي سامعه صدى صوت جاي من مسافة بعيده، لحد ما الصوت بدأ يوضح وسمعته:
-ليه نايم بهدومك يا كريم؟
فتحت عيني وكان قصادي أرمين مراتي، اتلفت حواليا بذعر بتأكد من مكان وجودي، وبعدها بصيت لهدومي.. كنت فعلا قاعد على السرير زي ما انا، وكل اللي شوفته مش اكتر من كابوس، بتتكرر معايا بقالها فترة.
اتعدلت في قعدتي وتلقائي حطيت ايدي ورا راسي، وده بسبب الوجع اللي حسيت مكان ما وقعت، اتألمت.. فطلبت من أرمين تجبلي مسكن للصداع، سابتني ودقايق ورجعت لي بالمسكن.. بعد ما خدته سألتها بصوت مرهق وتعبان:
-هي الساعة كام دلوقتي؟
ردت عليا بقلق:
-الساعة قربت على ١٠، أنت حاسس بحاجة يا حبيبي؟
استغربت من الوقت الطويل اللي نمته، فرديت عليها:
-لا لا ماتقلقيش، شوية وهبقى كويس، هقوم اغير وانام عشان الصداع يروق.
هزت راسها وقامت من جنبي، بعد ما قالت لي إنها رايحة تشوف أمها وتطمن على ابوها، بعد ما خرجت عدا اكتر من نص ساعة، في الوقت كُنت بجاهد عشان أتخلص من الارق واقدر انام، بس مفاجأت القدر بتخليك تاخد طريق مختلف عن اللي ناوي تمشيه، وده بسبب اللي سمعته.. يادوب غمضت عيني، وفتحتها بفزع على صوت صرخات هزت القصر، قومت بسرعة وخرجت من الاوضة، اتلفت في الممر الطويل اللي بين الاوض.. لحد ما وصلت لمصدر الصرخات، كان جاي من أوضة مهران دياب “حمايا”.. مشيت بسرعة ناحية الاوضة، صوت الصرخات اختلط بصوت همس بين الشغالين في القصر، مع تزييقة أبواب بتتفتح وخطوات جاية بسرعة في نفس اتجاة اوضة حمايا، وده أكيد اخو مهران الوحيد وعم مراتي، دخلنا في وقت واحد على مهران، كان نايم على سريره وحواليه مراته وبنته بيعيطوا ويصرخوا.. قربت من سريره وبصيت في وشه، ملامح اتغطت بشحوب الموت، المنظر اللي قصادي مش محتاج دكتور عشان يفهم، إن الموت اتسحب ودخل من ابواب القصر للمرة التانية، اتسرب بهدوء وحانت لحظة حضوره، واختار في لحظات.. تاني وأهم فرع من فروع عيلة دياب، وده احساسي كبشر.. أما شغلي كطبيب، خلاني بتلقائية مسكت ايد مهران عشان اتأكد من وجود نبض من عدمه، مافيش اي حاجة.. جنبت أرمين وهي بتصرخ، وقربت بالسماعة اسمع دقات قلبه.. سكون تام يعلن توقف نبضات الحياة، لفيت وشي ناحية اخوه، هزيت راسي بحزن عشان أكد له وفاة اخوه، والحامي الأساسي لأكبر شركات أعمال في البلد.
“يتبع”
جثة_مهران
لمياءالكاتب